كفر ثلث زمن الكنعانيين:
بنى الكنعانيون المدن في فلسطين والتي ذكرها الفرعون المصري تحتمس الثالث (1501 – 1447) ق.م بعد احتلاله لأرض كنعان وجاء ذكرها في هيكل الكرنك في أرض الصعيد، وقد وصلت إلى 118 مدينة وقرية، ومنها مدينة يبوس (القدس) ومدينة أفرات (بيت لحم) ومدينة بئروت (البيرة) وقرية جلجال (جلجولية) وبعل شليشة (كفر ثلث). (الدباغ، مراد مصطفى، بلادنا فلسطين، الديار النابلسية، ص930).
تزخر كفرثلث بالآثار التي تعود للعهد الكنعاني، ومنها: آباراً كنعانية تم تبليط أرضيتها بالحجارة والرمل المخلوط بالشيد وحصى الأودية، والمذابح المسقوفة ببلاطة يبلغ سمكها 20 سم ومساحتها متر مربع واحد، وربما تعود بعض المظاهر الدينية ومنها الصنم الذي كان موجوداً في "مغارة الجمل" وبعض الكتابات الجدارية التي كتبت والعروس التي كانت تركب الجمل إلى هذا العهد، وربما كان الأقرب للصحة أنها كانت مغارة يتعبد فيها الكنعانيون الذين اتخذوا أعالي الجبال والتلال أماكن لممارسة شعائرهم، منها: "الزاقورات ويرجح أن تسمية خربة الزاكور قد انبثقت من هذا الاسم،حيث لفظت القاف كافاً".
وفي سفر الملوك الثاني الأصحاح الخامس من كتاب العهد القديم "أن رجلاً جاء من بعل شليشة وأحضر لرجل الله خبزاً باكورة عشرين رغيف من شعير وسويقا في جراب. فقال أعطي الشعب فيأكلوا لأنه هكذا قال الرب يأكلون ويفضل عنهم، فجعل أمامه فأكلوا، وفضل عنه حسب قول الرب". حيث يتبيّن مما سبق أن كفرثلث عاصرت العهد العبري القديم.
كفر ثلث زمن الرومان:
عاصرت كفرثلث الرومان وهناك بعض العائلات المنسوبة لهذا الزمن، كما يوجد مجموعة من القبور بظاهر القرية الشمالي ذات الفتحة المربعة التي لها شكل أقواس من الخارج والتوابيت المصنوعة من الحجر الصلد وأوعية المنازل كالصحون الفخارية والأسرجة وكذلك الأنابيب الفخارية والتي وجدت في خرب قريبة من البلدة وفي بعض آبار جمع المياه، ناهيك عن الأعداد الكبيرة لأشجار الزيتون المنسوبة لهذا العهد والمعروفة (بالزيتون الرومي). وهناك بئران موصولان ببعضهما البعض واستخدمت لتخزين الزيت، كما تنتشر الاثار الرومانية بكثرة في الخرب والعزب التابعة لكفرثلث والغير مأهولة بالسكان حالياً كما تنتشر بعض المعاصر والقبور الصخرية ومن هذه الخرب:
خربة الخراب (أبو شرفة): تقع على بعد 2 كم شمال كفرثلث وترتفع 275 متراً عن سطح البحر. وجدت فيها قطع نقدية تعود للعهد الروماني البيزنطي ما وجد في الجهة الغربية منها مغارات ومقابر تعود إلى هذا العهد وهي المسماة بـ "الفسدقيات"، وفي هذه الخربة وجدت بعض الآبار التي استغلها السكان في سقي المواشي وبالقرب منها مقبرة صخرية مكونة من أربعة قبور تم حفرها.
خربة البياض: تقع غرب كفر ثلث على بعد 800م تقريباً وفيها آبار ومغارات، ولكنها ليست بمستوى خربة كفرقرع في طابعها العمراني والحضري القديم.
خربة البساتين: تقع إلى الجنوب الغربي من كفرثلث وبالقرب من قرية الأشقر فيها آبار وشقف فخار وصهاريج أنابيب تدلّ على أنها تعود للعهد الروماني.
خربة الزاكور: وترتفع 143 متراً عن سطح البحر، تقع ضمن أحواض كفرثلث و (اللفظ عامي للكلمة) والفصحى الزاقورة وهي المكان العالي المرتفع على جوارها وبها مغارات قديمة كبيرة وآبار وبرك ومقاطع من الحجر وقد ذكرت بعض الروايات أنها تعود للعهد الكنعاني، وقد سُكنت في عهود مختلفة ولكن دون تواصل احتلّت عام 1948م وهجّر أهلها وقد سكنتها حمولة الغرابة.
خربة الجراد (شحادة): تقع على بعد 6 كم الى الشرق من كفرثلث في أراضي ديراستيا وفيها آبار ومعاصر ومغارات وصهاريج وجدران، وتظهر جلياً الآثار القديمة فيها وتمتاز بموقعها المرتفع والمشرف على معظم قرى المنطقة المحيطة ومنها يمكن مشاهدة السهل الساحلي بوضوح وربما تعود للعهد الروماني البيزنطي.
خربة كفرقرع: تقع على بعد 1 كم إلى الشرق من كفرثلث، وفيها مسجد مدمر ومقبرة وآبار ومغارات وبرك ويظهر أنها عاصرت العهد الروماني وبلطت ساحتها بالفسيفساء، هذا ناهيك عن العملات الرومانية والإسلامية التي اكتشفت في المكان وبعضها يعود إلى زمن صلاح الدين، وقد تعرضت الخربة للتدمير في القرن السابع عشر على وجه التقدير بعد خلاف مع أبناء بلدة كفر ثلث وهاجر أهلها إلى موقع بلدة كفرقرع الحالي في المثلث الشمالي.
خربة خريش: و تقع غرب كفرثلث ويرجح أنها تعود الى العهد الروماني، حيث أمكن الاستدلال على ذلك من الآثار الرومانية فيها حيث توجد بركة أثرية استخدمها السكان في الشرب، كما عثر السكان فيها على قطع نقدية تعود لهذا العصر.
خربة رأس طيرة: بها مغارات وصهاريج تعود للعهد الروماني البيزنطي ولكنها ليس ذات تنظيم جيد.
كفر ثلث في العهد الإسلامي:
يظهر أن كفرثلث شهدت إقامة قبائل عربية فيها منذ العهد الروماني ومن العائلات التي سكنت كفر ثلث في هذا العهد "الغرابة" و "الأعرج"، وأشارت معظم الروايات أنهم "قرارية" أي جذورها الاصلية.
دخلت فلسطين في العهد الاسلامي بعد معركة اليرموك وبيت المقدس عام 636م وخضعت البلاد للحكم العربي الاسلامي. دخلت كفرثلث كباقي القرى العربية في الدين الاسلامي وبني بها "الجامع العمري" وقد زالت آثاره بسبب الإهمال عام 1924، حيث تمّ نقل حجارته لبناء جامع آخر وسط القرية قرب مضافة شجرة التوت وقد زال كما استعملت حجارته في بناء بعض البيوت.
وفي العهد الصليبي دعيت البلدة باسمها الحالي (كفرثلث) وفي زمن المماليك قام الظاهر بيبرس بإقطاع "خربة المنطار" الواقعة على بعد 1.5كم غرب كفرثلث لعز الدين أتابك الفخري، وكانت من جملة الاقطاعات التي اقتطعها لقادته في فلسطين، حبلة وخربة برنيقيا.
كفر ثلث في العهد العثماني:
مر ذكر كفرثلث في الدفتر العثماني عام 1596م حيث أشار كاتب الضريبة أنها دفعت الضرائب عن عدد من المحاصيل منها: القمح والشعير كما دفعت عن الثروة الحيوانية واستحقت الضريبة على 13 رب أسرة وشخص أعزب وبلغ مجموع ما دفع 3500 قرشاً (كمال عبدالفتاح وهيتورث، مصدر سابق).
وذكرت خريش كذلك ونسب إليها محمد بن أحمد الخريشي الحنبلي الذي عمل والده في البناء حيث درس محمد في الأزهر وأقام في القاهرة مدة طويلة ودرس وأفتى فيها ثم قدم إلى القدس ونابلس وتوفي سنة 1001 هـ / 1593 م، له ولد اسمه اسحاق كان عالماً عاملاً أخذ العلم عن والده وعمل إماماً في المسجد الأقصى، وكان إليه النهاية في علم القراءات العشر، حسن الصوت والأداء لا يُملّ من سماعه توفي سنة 1035 هـ (الدباغ، مصدر سابق).
ويتحدث الرحالة السوري الصوفي "بكري الصديقي" الذي تجول في فلسطين أواسط القرن السابع عشر ونقل عنه سامح الخالدي في كتابه "أهل العلم والحكم في الريف الفلسطيني" أنه كتب "كدينا إلى كفرثلث ذات المير ودخلنا الغابة ليلاً خوفاً من الطير وبها من أصناف الطير وزرنا الشيخ علي الرابي ومعنا كوكبة من أصحاب الود الكاوي" ( أحمد سامح الخالدي، أهل العلم والحكم في الريف الفلسطيني)
من خلال النص السابق يتبيّن أن عائلة الرابي (أجداد عائلة العالم) أقامت في كفرثلث وهي عائلة سكنت ديرغسانة والزاوية وسنيريا وجلجولية وعرفت بالتدين والصوفية، أما بالنسبة للطير فالعرب كانوا يخافون الطير ويتشائمون من بعض الطيور كالبوم، أما أصحاب الود الكاوي فهم الصوفيّون الذين يتصلون بالله ويعشقون الذات الإلهية.
حوادث تخريب كفر قرع والزاقور:
تميزت الأحوال الاجتماعية للقرى والمدن الفلسطينية في أواخر العهد العثماني بانتشار الفوضى والتخريب، وغياب دور القانون والسلطة، ثم تلاها حوادث القتل الجماعي بعد خلافات ومساجلات، كان دافعها التخلص من الظلم أو غيره، ومنها: القضاء على "العتوم" في عزون بن عتمة والذين حكموا القرى القريبة واضطهدوا ساكنيها. وكذلك حادثة قتل العصافرة والسمامقة في بيت جبرين والذين طردوا منها بحيلة (كتاب قرية بيت جبرين المدمرة للأستاذ عبدالعزيز عرار).
كما أن هناك الكثير من الخرب التي جرى تخريبها في فلسطين في العهد العثماني الأول، حيث سادت النزعة البدوية القبلية، والتسلط والقهر الاجتماعي، وغياب السلطة المركزية، التي أدت إلى تسلط الأقوياء على الضعفاء، ومن هذه الخرب خربة نجارة قرب عزون بن عتمة وخربة بيت جفا قرب قرية صير والقضاء على المشاقي في ياصيد.
تقع خربة كفر قرع، ضمن أراضي كفر ثلث والى الشرق منها، بينما تقع الزاقور ضمن أراضيها الغربية.
تعرض كلاهما للتدمير من قبل أهالي كفر ثلث؛ ولأسباب مختلفة، مما أثر على توزيع سكان كفرثلث، وامتدادهم وتنقلهم. وحول أسباب تدمير خربة كفر قرع، تقول الرواية التي يجمع عليها أبناء كفرثلث، ويحفظها الكبار عن ظهر قلب القصة التالية:
كان أهالي كفرثلث يتوجهون إلى مدينة نابلس للبيع والشراء، وأثناء مرورهم بجوار كفرقرع التي تسكنها عائلتي القراعنة والعثامنة كانوا يتعرضون لمضايقات واستفزازات من قبل أهالي كفرقرع كأن يقوموا بمصادرة دوابهم التي تحملهم وحجياتهم، وقد ضاق أهالي كفرثلث ذرعاً بهذه الاساءات والتي طالت كرامتهم، حيث كانت كفرقرع أكبر من كفرثلث وأكثر عدداً. اجتمع أهالي كفرثلث وتشاوروا فيما بينهم لحل هذه المشكلة حيث أشار عليهم أحد سكان القرية ويدعى بشير وهو من أجداد آل الأعرج في كفرثلث، والضبعة، وعزون بتنفيذ حيلة يتخلصون بواسطتها من أهالي كفر قرع. وإقتضت الخطة التي قام هو شخصياً بلعب الدور الرئيسي فيها أن يدّعي أنه مضطهد من أهالي كفرثلث وفارّاً منها (وطنيباً) ومتوسلاً لأهالي كفر قرع، وبعد فترة من مقامه في كفر قرع، أفسد بين أهلها وسمّم علاقاتهم، حتى جاءت ساعة صلاة الظهر في يوم جمعه، حيث اشتبكت عائلات كفرقرع بالعصي والفؤوس والخناجر والأيدي داخل المسجد. وبدوره قام بشير الأعرج بإغلاق باب المسجد عليهم، حيث شاركه شخص آخر في تنفيذ حيلته واعتلى سطح المسجد ولوح لأهالي كفرثلث برايةٍ يحملها كما كان مخطّطاً وهي بمثابة إشارة منه لأهالي كفرثلث المترقبون للإنقضاض على كفرقرع. وهب أهالي كفرثلث يحملون فؤوسهم وعصيهم وسيوفهم وخناجرهم وقاموا بتدمير المسجد على من فيه، وقد فرّ من تبقى من أهالي كفرقرع إلى شمال فلسطين، وأقاموا في منطقة المثلث وكوّنوا قرية أطلقوا عليها إسم كفرقرع. أمّا القرية الأصلية وبعد تدميرها قامت عائلات كفرثلث بتقاسم أراضيها حيث قدرت مساحتها بما يزيد عن عشرين دونماً. يوجد في خربة كفرقرع الكثير من الآبار القديمة والتي تستخدم في سقي الدواب وري المزروعات. كما أن بها كثير من الآثار الماثلة حتى الآن والتي تعود للعهد الروماني، وأخرى للعهود الإسلامية، فقد عثر فيها على عملات تعود لعهد السلطان صلاح الدين الأيوبي، وأخرى عباسية.
لم يعثر على أي كتابة أو تدوين تشير إلى هذه الحادثة ويرجح أنها تعود إلى بداية الحكم العثماني لفلسطين، وعلى الأغلب جاء تدميرها في بدايات القرن السابع عشر بدليل أنها كانت قائمة عام 1596م، وذكرها كمال عبد الفتاح في كتابه جغرافية بلاد الشام، المأخوذ عن دفتر الضرائب العثماني، وهو دفتر للضرائب الحكومية، وفيه ذكرت جميع قرى فلسطين التي دفعت ضرائب بغض النظر عن مقدارها.
امتداد سكان كفر ثلث إلى السهل الساحلي ونشأة خريش:
يذكر أن السهل الساحلي الفلسطيني شهد حالة تراجع سكاني من قبل العرب أثناء حقبة الحروب الصليبية؛ سببه تعرض المناطق الساحلية من فلسطين للخطر المباشر من الحملات والغزوات الصليبية. كما أن الجبال وفّرت ملاذاً للإحتماء عند الشعور بالخطر، هذا ناهيك عن وجود المستنقعات، والمسماة بـ "البصة"، ومنها بصة الفالق قرب قرية أم خالد العربية غرب طولكرم (موقع مستعمرة نتانيا الحالية)، وبصة قتورية غرب جلجولية.
يذكر أن صلاح الدين الأيوبي، أدرك هذا التراجع في عدد سكان فلسطين في هذه المنطقة؛ فشجع العراقيين والسوريين والمصريين على السكن في البلاد. كما أنه كافأ الجنود والضباط بأن أعطاهم إقطاعات من الأرض بدلاً من الرواتب النقدية، وكان هذا الإقطاع سبباً في عودة روح الحياة إلى الأرض، وتعميرها والتوطن البشري فيها من جديد، ومن هذه الإقطاعات: وقف أراضي جلجولية للشيخ حسام الدين البسطامي. و حتى لا تبقى المستنقعات تشكل خطراً على سكان المنطقة، ونظراً للحمى التي أحدثها البعوض، وفتكت الملاريا بأعداد كبيرة من الناس، قام صلاح الدين بفتح المبازل والقنوات وتسهيل مرورها إلى البحر المتوسط. ومن بعده قام الظاهر بيبرس فأقطع المنطار والقصير من أراضي كفرثلث لأتابك الدين الفخري، وكذلك خربة برنيقيا جنوب جلجولية (الدباغ، مصدر سابق).
ظلت حركات الهجرة مستمرة تدفعها عوامل مختلفة في فلسطين؛ فجاءت عشيرة أبي كشك البدوية من منطقة بئر السبع، لتستقر في المنطقة الواقعة بين جلجولية والمويلح ويافا، ثم سكنت عرب الجرامنة غرب قرية جلجولية. وسكن العمريون الذين ينسبون أنفسهم إلى عمر ابن الخطاب في منطقة الحرم سيدنا علي. وتسابقت القرى الجبلية الفلسطينية القريبة من السهل الساحلي لتطل بامتدادها إلى البحر المتوسط، وقد دفعتها خصوبة تربته، وأهميته في الزراعة، ومنها الذرة البيضاء لغرض الحصول على الطحين، وتوفير الحشائش والأعشاب للدواب، وللاتصال مع المدن الهامة كيافا واللد والرمله وغيرها من الأسباب.
وهذه قائمة بالقرى وامتداداتها على سبيل المثال لا الحصر: امتدت أراضي دير الغصون غربا إلى خربة بير السكة، ووصلت أراضي قرية ذنابة إلى وادي إسكندر ودبة القرايا، وتمددت طيبة بني صعب فكانت لها عزبة فرديسيا. وأنشأت قرى عزون وجيوس وكفرعبوش خرباً سميت بأسمائها، مثل: غابة جيوس، وغابة العبابشه. وغابة عزون وتقع غرب كفر سابا، وهي موقع روماني قديم سمي رويسون أو تبصر.
وبدورهم اختار أهالي كفر ثلث الجهة الغربية من أراضيهم للتعزيب، وأطلوا على نهر العوجا، وبعد تعزيبهم في خريش والزاقور استقروا فيها. كانت خريش والزاقور خربتان، وفيهما من الآبار وجارة الباء القديمة، مما شجع على الإقامة فيهما ( وانظر كتاب الدباغ عنها).
وانتقل بعض سكان حجة، وباقة الحطب، وكفر ثلث إلى طيرة بني صعب، وسكن أهالي مسحة كفرقاسم، وسكنت عائلات قراوة بني حسان قرية كفر برا، وامتدت أراضي كفر الديك إلى جوار مجدل الصادق في وادي العرب في حين وصلت أراضي دير بلوط إلى نهر العوجا، ومثلها كفر ثلث، وبديا.
كانت سكنى وإقامة بلدة كفر ثلث متواصلة ومستمرة، وقد امتدت إلى الخرب المحيطة بها، وفيها أقامت عائلات القرية في فترات مختلفة، وكانت عائلات "الغرابه" و "الأعرج أو البشايره" نسبة الى بشير كما سبق من أوائل العائلات التي سكنت كفرثلث في عهد الروم، ثم قدمت إليها عائلات: عودة، والمراعبه، والشواهنة، والشملة، والرابي، وضمن هذه التفاعل مع الأرض والإنسان تكونت خرب، منها: الزاقور، وخريش، ورأس عطية، ورأس طيرة، الضبعة، الأشقر، المدور، سلمان، ووادي الرشا.
التوطن البشري في خريش:
أسهمت بلدة كفر ثلث في إقامة ما يزيد عن ثماني قرى وخرب ومنها خربة خريش والتي دمرت وهجّر أهلها عام 1948م واعتبرت مهمة لأبناء كفرثلث قبل النكبة. فقد عمد أهالي كفرثلث الى الإقامة (التعزيب) في فصل الصيف في موقع " الهدفه " جنوب خريش، وكان ذلك في النصف الأول من القرن الثامن عشر. وشملت حركة التعزيب هذه أشخاصاً منهم :مرعب، خالد، عرار، وبعض أفراد الجماعة الغرابة، وأبناء بشير جد آل الأعرج، حيث استغلوها صيفاً في زراعة محصول الذرة ورعي الدواب، وقبيل الشتاء يعودون للإقامة في بيوتهم في كفرثلث ورعي مواشيهم في الجبال، ولكن مشقة السفر والترحال، جعلتهم يفكرون بالإقامة والتوطّن فيها.
وبعد أن استقرت الأحوال السياسية والاجتماعية وزال خطر نابليون بونابرت، الذي قتل عدداً كبيراً في مدينة يافا، ونشر الرعب في منطقة السهل الساحلي، أخذ الناس يميلون إلى الاستقرار هذه المرة، ومن الأسباب التي أدّت الى التوطّن كذلك الهجرة نتيجة الخلافات.
وكان ممن فكر بالإقامة في خريش كل من: عرار وأولاده موسى وصالح وصلاح، وعبد الحفيظ، ومحمد، ومن بعده سعيد موسى عبد السلام، والحاج محمد حسن شواهنه، وغيرهم ممن جاءوا تباعا حتى عام 1948. حيث يعتبر موسى عرار أول من توطن في خريش بصورة دائمة في النصف الأول من القرن الثامن عشر، وانتقل من العزبة القبلية إلى موقع خربة خريش القديم، واستخدم مغارتها لمبيت الأبقار والأغنام. جاءت إقامة موسى الدائمة، بعد أن غرقت قرية كفر ثلث بالربا، من قبل شخص يدعى عامر قدم اليها من قرية حجة من قرى جورة عمرة. حيث كان هذا الشخص يأتي إلى بيوت المدينين، ويضايقهم بطلباته، ويقول لهم: هاتوا كاكا (بيض)، ويفرض ضيافته عدة أيام. ويسأل الشخص عن سداد النقود: فيرد عليه بعضهم حتى ينبل زمع الثور ( أي حتى يهطل المطر) فيقول عامر: ها هو زمع الثور قد بل بالإبريق . حزن موسى عرار بسبب غرق أقاربه وأبناء قريته في الديون وفضل أن يأكل الخبيزة ويطبخها يومياً مع اللبن على أن خضوعه لسطوة هذا المرابي، فعايره هؤلاء بالبخل فوقف ذات يوم على ظهر الجامع العمري في كفر ثلث، ونادى بأعلى صوته: يا خبيزة المر، و يا خبيزة رأس طيرة تعالي عايريني. وبعد مضي فترة من الزمن قرر الإقامة في خريش، وقد شجعه قربها من نهر العوجا، وبئر أبو العون، وحتى يستريح من عناء السفر اليومي من كفر ثلث إلى المحمودية، التي تبعد عن بلده كفر ثلث 13 كم تقريباً. ويقدر هذا بعام 1820م، وبعد استقراره تبعه أخوته صالح، وصلاح، وعبد الحافظ، وكانت خصوبة الأرض في السهل الساحلي، وحاجتهم لزراعتها بمحصول الذرة البيضاء وغيره من المحاصيل، ووفرة الإنتاج تدفع باتجاه الاستقرار فيها.
أحاطت بكفرثلث في ذلك الحين الأشجار الحرجية وعاشت فيها الحيوانات المفترسة وقد سميت بعض الاراضي والأماكن باسماء الخنازير والحيوانات التي تعيش فيها مثل "جورة الخنزيرة"، "قرية الضباع"، بير "أبو الكلبات"، و "باطن النمرة".
عانت بلدة كفر ثلث شأنها في ذلك شأن قرى ومدن فلسطين من آثار التخلف العثماني وأحوال هذا العهد السيئة ففي عام 1858م دمرت كفرثلث بسبب الحرب الأهلية بين العائلات الفلسطينية وخلاف زعماء الأقطاع ومنهم آل ريان وآل القاسم كذلك تجنيد الشباب للحرب اليمينية وثورة الشعب اليمني ضد الدولة العثمانية أو حروب الدولة العثمانية في مناطق روسيا وتأثرت بالأحوال السياسية والصحية السيئة.
أضطهد الاقطاعيون أبناء كفرثلث الى الحد الذي نهبوا فيه محاصيل الفلاح وكان للاقطاعي المتنفذ عبدالهادي القاسم دور كبير في فرض الضرائب الباهضة على السكان مما دفع أخيراً لثورة كفرثلث ونجحوا في الحصول على فرمان عثماني بعزله.
دور ضامن العشر والويركو في تهجير سكان كفر ثلث إلى خريش والزاقور:
بعد قدوم حملة إبراهيم باشا إلى فلسطين وسائر بلاد الشام (عام 1831م – 1840م) نشطت من جديد الصراعات القبلية، والعشائرية، والحمائلية، والعائلية، وانتقلت إلى بيوت فلسطين، وعانى منها الريف الفلسطيني، الذي انقسم إلى قسمين، وهما: القيسي، واليمني، وطال هذا الانقسام، المجتمع قاعدياً ورأسياً.
وفي هذه المنطقة من جبال نابلس، حدث صراع بين آل ريان، ومقرهم في مجدل يابا، وآل القاسم في حبله، وكان محور الخلاف الزعامة على بلاد جماعين. اختلفت المصادر حول عدد قراها، فقد ذكر بعض الرواة أنها 48 قرية، وذكر آخرون أنها 45 قرية. فقد اختلف الزعماء على ضمان المنطقة حيث يعمل الضامن على جمع الضرائب وتحصيلها، ويدفع بعضها إلى الوالي في بلاد الشام، أو الحكومة المركزية في استنبول، بينما يثرى على حساب الفلاحين.
كانت منطقة بلاد جماعين، أو جورة مردا، تنقسم إلى نصفين متساويين هما:
(1) القسم الشرقي، ويضم 22 قرية تحت حكم وإشراف قاسم الأحمد الذي اتخذ من بيت وزن وديرإستيا مقراً له.
(2) القسم الغربي، ويضم 22 قريه تحت اشراف آل ريان ومركزهم مجدل يابا ولهم فيها برج معروف، يذكر أن العشيرتان تعودان الى بني غازي الذين هاجروا من شرق الأردن في القرن السادس عشر.
كانت تضم (44) موقعاً حسب عزة دروزة و 47 موقعاً حسب فن ( الكسندر ،شولش، التحولات الجذرية).
يذكر إحسان النمر المؤرخ النابلسي: أن مرسوماً صدر بتسليم قاسم الأحمد قرية بيت وزن في 7 جمادى سنة 1243 هـ، وأضيفت قرى أخرى لزعامة عبد الهادي القاسم منها: زعامة حواره، وزعامة فحمه للشيخ حسين عبد الهادي (تاريخ جبل نابلس والبلقاء).
ويظهر أن الدولة العثمانية أظهرت ميلاً إلى جانب عبد الهادي القاسم، الذي ثار والده قاسم الأحمد على إبراهيم باشا، وربما غذت الصراعات بين الفريقين، كما فعلت في جبل الخليل بين العشائر في تلك المنطقة. و هي عادة الحكومات الأجنبية في تطبيق سياسة فرق تسد، وجرى تعميق الخلافات بين آل ريان وآل القاسم حول زعامة المنطقة، وامتد إلى حمائل وعشائر هذه القرى، وانقسمت على نفسها.
وفي سياق التحالفات القيسية واليمنية، إنحازت إلى صادق ريان حمائل: آل عوده، والجماعة الغرابة في كفرثلث، و الديك في كفرالديك، وشبيطة في عزون، وعوده في حبله.
وتحالفت حمائل: شواهنه في كفرثلث، ورضوان في عزون، ومرداوي في حبلة، إلى صف آل القاسم، وكان من نتائج هذا الانقسام والمساجلات والطوش تدمير كفر ثلث في عام 1852م، حيث هاجر أهلها الى الزاقور والوادي القبلي (جنوبي البلدة)، كما أن قرى فلسطينية أخرى دمّرت في هذا العام مثل ديراستيا. وفي هذه الفترة زارت بعثة أثرية بريطانية كفر ثلث ووجدتها خربة، وقد هجرها أهلها، ولا يوجد بها أحد وكذلك دير استيا. كما ذكر إحسان النمر أن ديرإستيا وعرابة دمرت نتيجة لخلافات القيسية واليمنية في فلسطين، و استقرت السلطة لمصلحة عبد الهادي القاسم في زعامة الجماعينيات.
كتم عبد الهادي أنفاس الحمائل المعارضة، وتصرف كحاكم محلي، وانه سيد المنطقة المطاع، وبنى قصرًا يضم طابقين في قرية حبله، وقد صنع قصراً من الشيد والزيت، وقد أحضروا حجارته البيضاء والوردية من أماكن بعيدة ويضم العديد من الطاقات ودرج للصعود للطابق الثاني. واختلط البناء مع عرق ودموع الفلاحين، وجعل عبد الهادي في الطابق الأرضي مكاناً يسجن فيه العصاة والرافضين لدفع الضرائب.
تصرف الضامن في فرض المبالغ الضريبية المستحقة كيفما يشاء، وهو يجمع الضرائب العشر ومنها: ضريبة العشر، وضريبة الويركو، وضريبة المسقفات. فقد فرضت الأولى على محصول القمح والشعير وسائر الحبوب، في حين فرضت الثانية على الحيوانات، والثالثة على العقارات والبيوت.
كان الضامن يأخذ المنطقة بالمزايدة، يدفع المبلغ المطلوب منه للدولة العثمانية، و يأخذ زيادة عليه، ثم يبتز الفلاحين وينهب أراضيهم، و بعد أن يعجز الفلاحون عن دفع الضرائب، يقوم بابتزازهم برهن أراضيهم. وعندما يعجز الفلاح عن دفع المبلغ سواءً أكان عينا أو نقداً، يلجأ للضامن الذي يقدم له مالاً ويرتهن الأرض حتى يعجز المديون عن دفع الضريبة المستحقة عليه، فيضطر للتخلي عن أرضه سداداً لدينه وبهذا تصبح الأرض ملكاً للضامن.
و قام الضامن أو السيد شبه الإقطاعي بفرض حالة الترويع على السكان بعد مجيئه، ومعه فرسان الأصبهيه (جامعوا الضريبة)، ثم الطلقجيه (الخيالة المسلحون)، وهؤلاء كانوا عوناً له، وللجاندرما (الشرطة التركية). حيث يقوم الضامن بإرسال الجاندرمة بغرض القبض على الأشخاص الرافضين لدفع الضرائب، أو الهاربين من التجنيد الإجباري في الحروب المختلفة مثل: اقتيادهم إلى حرب اليمن، ويقف المخاتير كالعادة في صف الضامن المتنفذ في سلطته، اللابس للعباءة الحريرية والمحظي بعدد من الخيالة الطلقجية المرافقين له. وفي ظل غياب وضعف دور السلطة المركزية، التي أطلق عليها اسم الرجل المريض انتقل دور عبدالهادي القاسم من جامع ضريبة ومحصّل إلى حاكم فعلي للمنطقة فقد خلق من حوله مجموعة تعمل لخدمته، وتحلّق حوله وتطيع أوامره، وتحاول جني مكاسب، وتجيرها لصالحها في احترابها مع العائلات الأخرى.
أخذت أشكال التسلط والعنف ترهق الفلاحين، وتدفع ببعضهم للهجرة إلى خرب أخرى أو محاولة الانتحار، أو إلى سعيهم للتخلص منه، وهربوا إلى المغارات والكهوف للمبيت فيها، وأضطر البعض إلى تخليه عن الأرض لهذا السيد مقابل تخليصه من الضريبة.
أقام عبد الهادي القاسم علاقات متينة مع بعض العائلات على حساب الأخرى، كما أنه الحق بخيالته بعض أبناء العائلات في حبله، التي جعلها مقراً له، إلى جانب بيت وزن، وجماعين، وسلفيت، وديراستيا، ونسج علاقاته مع المخاتير على أساس تبعيتهم له. كما ساعد عبد الهادي القاسم في كفرثلث وأعمالها مختارين هما: سلامه إسماعيل شواهنه، ومحمود جابر فقد عملا كوكيلين لمساعدته أثناء تحصيله الضرائب حيث لم تراعى أحوال الفلاحين، واستغل المخاتير علاقتهم الشخصية بالقاسم لتنفيذ مآرب خاصة وحرضوه على أناس عديدين ويقال أنهم فرضوا ذات مرة بعض المحصول كضريبة على غلة علي ظاهر غرابة، وعاد المخاتير والمتنفذ لفرض مبالغ إضافية بحجة عدم كفاية المبلغ الذي طلب منه، وهددوه بمصادرة عّمالين من البقر، كان يستخدمها في الحرث والدرس، ولما يئس الرجل من إقناعهم بوجهة نظره ومنطق، قام بتعليق نفسه على شجرة صبار غربي القرية، وهددهم بالانتحار بأن ربط كوفيته في رقبته، ومر الناس به فوجدوه في حالة يرثى لها وخلصوه، وتوسطوا له عند الزعيم المتنفذ عبد الهادي القاسم، والمختار. صب عبد الهادي جام غضبه على العائلات التي أيدت آل ريان ومنها: حمولة الغرابة، وعوده، ولما كانت حمولة الجماعة الغرابة من أقدم حمائل القرية، و تملك مساحة كبيرة من الأراضي لا تتوفر لغيرها فقد تعرضت لإضطهاد يفوق الحمائل الأخرى مما يثير النعرات العنصرية بين حمائل المنطقة.
وتعرضت خيالة عبد الهادي القاسم بالسلب والنهب لمفحمة صنعها حسين الصيفي غرب كفرثلث، وذهب إلى قلقيلية (طنيباًَ) واحتمى عندهم، وجاء فريق منهم إلى عبدالهادي القاسم وهددوه إذا تعرض له مرة ثانية. وحاول عبدالهادي استمالة أشخاص عرف عنهم الرجولة، والقوة البدنية، فقد حاول استمالة أولاد موسى عرار، وهم محمد، ومحمود، وعيسى، حدثني أحد الرواة: ـ" أرسل عبد الهادي القاسم يطلب أولاد موسى العرار، ومعهم أبيهم، فتوجهوا إلى قصره في حبله، وهّموا بالدخول إليه، فتصدى لهم حراسه عند الباب، فضربهم أولاد موسى بالنبابيت، وطرحوهم أرضا، وأحدثوا في قصره اضطراباً وصياحاً. سمع عبد الهادي الهياج والصراخ، فصرخ في حراسه، وسأل الأخوة ومعهم والدهم أن يدخلوا إلى قصره، واعتذر لهم عن موقف حراسه. وتقدم إلى أحدهم بسؤال: ماذا سيكون ردكم لو أن الحراس ضربوا أبيكم. فردوا عليه بأن ردّهم سيكون أعنف، عندها ربت على أكتافهم. وقال لهم: "نيال أبوكم فيكم"، وتقرب إليهم. "
وعين بعدها محمود موسى مختاراً، ومؤتمناً على بعض الأراضي، وسجلها باسمه، في حين استعان بأخيه محمد في تنفيذ مآربه تجاه خصومه آل ريان، وأعطاه مقابل خدمته قطعة أرض كبيرة قرب المويلح، وسجلها باسمه. ويذكر أنه في احدى المرات أرسله إلى مجدل الصادق وهي محاطة بسور، وطلب منه أن ينقب في الصور ثغرة، نجح محمد في نقب الثغرة بمساحة متر مربع، وصحا عليه رجالات الصادق ريان، رجع محمد إلى خريش مسرعاً، وهو مشهوراً بقدرته على (الركض) حتى صار مضرب مثل كأن يقال "هو أنت محمد الموسى"، واحتارت عائلة ريان من الفاعل، وحامت شكوكهم حول عبد الهادي.
وبعثت أعمال الخيالة والثلة المحيطة بعبد الهادي القاسم الاستياء في نفوس الناس، ومنها أن نساءً من كفرثلث ذهبن لاقطات يجمعن ما تبقى من سنابل القمح والذرة في الأرض بعد حصادها وقطافها، وقد أخذن ما جمعنه من أراضي السيد شبه الإقطاعي، فكتب إليه أحد أبناء كفرثلث قصيدة شعرية جاء فيها من الشعر المقذع ألواناً مختلفة.
أصاب عبدالهادي في كبره الضعف والعجز، كما عجز عن جمع الضرائب والمبالغ المستحقة، وتضايق الناس من تصرفاته ومنهم حمولتي عوده، والغرابه وقرّر عدد منهم وضع حدّ له وعزله عن ضمان المنطقة. وقرر سعيد موسى عبد السلام الذهاب إلى المحكمة في نابلس لرفع شكوى عليه، ويبدو أن الحاكم لم يكن في صفهم، وفي أثناء الجلسة قال الحاكم: من أحضر هذا الحمار إلى هذه المحكمة، فرد عليه سعيد الموسى: إذا كنت حماراً، فهذه المحكمة خانجي، وعلى كتفيه حمل عبائته، وخرج من الباب. وصمّم سعيد أن يشكوه إلى والي بيروت بتشجيع من عثمان أبوحجلة، وشاركه عبدالله أبو خالد ووهدان قزمار وعثمان أبو نمر، وقرر الأربعة التوجه إلى الباشا لكنهم اختلفوا في الطريق قبل وصولهم، وظل سعيد وعبدالله يواصلان المسير، وبعد أن وصلوا أمسك سعيد بعبائة عبدالله أبو خالد، ووجدوا بباب الوالي عددا كبيرا من الناس مجتمعين فقرروا الدخول بالقوة واندفعوا من بين الجمع ودخلوا إلى الوالي في سراياه، وتعجب منهم، وعرضوا له قصتهم فسألهم: ومن سيضمن المنطقة، فردّوا بأن عثمان أبو حجلة لديه الاستعداد. ورجع سعيد وعبد الله أبو خالد، ومعهم فرماناً عثمانياً بعزل عبدالهادي القاسم، وتعيين عثمان أبو حجلة الذي دفع الضمان وعن هذه الرواية يقول أحد الرواة: "قصّر قاسم في الجباية وقويت عائلة أبو حجله مادياً، وتوصل أبو حجله وأهالي كفرثلث للوالي، وشجع عثمان أبو حجله مجموعة من كفرثلث على الذهاب إلى نابلس، وبيروت، واستنبول، وكان منهم عبد الله أبو خالد، وسعيد الموسى، ووهدان غرابه، وعثمان أبو نمر. كما أيّدهم وأحضر "خرج مصاري ذهب مجيدي" وقال: هذه ضمان قرى الجماعينيات، ومنها: كفر ثلث، قراوة بني حسان، سنيريا، ديراستيا وطرد عبدالهادي بعد أن أحضروا له الفرمان، فرحت بلاد جماعين حتى أن أهل قراوة بني حسان أشعلوا مشاعل نار شوهدت من كفرثلث."
وفي رواية أخرى عن نفس الموضوع يذكر أنه ذهب مجموعة من أهالي الجماعينيات الى عثمان أبو حجله حيث عرضوا عليه ظلم عبد الهادي، فقال: يا جماعه رايح أحرركم منه وأخلصكم من حكمه وأحضر حبلاً غليظاً وقطعه أمامهم. سمع عبد الهادي القاسم بفعلتهم، فقال: أنا بوكل الخروف وبحمي أمه، أما أبو ناب إصفر بوكل الخروف، وبهتك عرض إمه". ويذكر الكزندرشولش رواية تتقاطع مع الرواية الشعبية دون ذكر الأسماء حول عزل عبد الهادي القاسم: "أما آل قاسم الأحمد فقد جمعوا غراماتهم من ذلك الجزء من بلاد جماعين، الذي كان في الواقع منطقة ريان، وهو الجزء الذي كلفهم الأشراف عليه ثمنا باهظا، وكان على كل قرية من القرى أن تتدبر مبلغا من المال يتراوح بين ألف وألفين قرش،... ذكر أن أربعة فلاحين قد جمعوا شجاعتهم، وقالوا لكامل باشا في نابلس أن البلاد غدت منهوكة من المطالب الاستبدادية الابتزازية للشيوخ المتنافسين..."."
جاء الضامن الجديد، وقد ورث ثلث أراضي كفر ثلث عن آل القاسم حيث لم يسلمها لأصحابها بل طلب منهم دفع مبلغاً من المال بدل الرهن، وحاول بعض الناس الخلاص من هذا الرهن المزور والذي جاء من عرق الفلاحين، ومن التحايل وابتزازهم، وبقيت بعض القضايا عالقة إلى الأربعينات من هذا القرن، ومنها أن عمر أبو هنيه، ويونس أبو هنيه طردا من خربة أبو فارة بسبب إدّعاء آل القاسم ملكيتهم لها، ووجود إثباتات رهن من ورثة عبدالهادي القاسم، وعن هذا الواقع والمصير الذي آلت إليه الأوضاع في بدايات القرن الماضي يذكر أن عبدالهادي القاسم نجح في السيطرة على قسم كبير من أراضى الجماعة الغرابة، وباقي أهالي كفرثلث، وأهالي خريش، وسكان الزاقور، وحبلة، وغيرها من القرى ، وفي كفرثلث وخربها صارت أرض المراح إلى الشرق من خربة الأشقر والتي تعود ملكيتها لآل عيسى ملكاً له، وأخذ باطن أبو ذيب بأكمله، وهي أرض تجاوزت المئتي دونم، و أرض قعدات الحمام، وتقع بين جسر سنيريا وأراضي دير استيا، وورثها الإقطاعيون اللاحقون عن السابقون، أي دار أبو حجلة عن دار قاسم، واختلف دار أبو هنية مع جمال عبدالهادي القاسم على حريقة أبو فارة، وُطرد عمر أبو هنية الذي عزب فيها، وكان ذلك في أواساط الأربعينات، وذهب تعبه سُدى بعد أن زرعها بالزيتون، كما صادر القاسم بد (معصرة زيتون) لرزق الله مكان جامع كفرثلث، واستلمه أبو حجله من بعده.
جاءت زعامة عائلة أبو حجله بأسلوب جديد تم فيه إقراض الناس بفائدة 13-16%، وأصبح فالح أبو حجلة من مشاهير المرابين في منطقته، وأصبح يضرب به المثل في الغنى: "أي هيه مصاري الفالح"، ومن الأراضي التي ارتهنها آل القاسم، وحصلوا عليها من ابتزاز الفلاحين في كفر ثلث وحبلة، والتي عادت ملكية بعضها لأصحابها، والبعض الآخر بقي في أيدي آل القاسم أو أبي حجلة فعلى سبيل المثال لا الحصر:
1. باطن أبو ذيب جنوب شرق كفرثلث وتعود ملكيته "للغرابة"، وتزيد مساحته عن مائتي دونم، وآل إلى أبي حجلة.
2. المراح جنوب غربي كفرثلث على الطريق الترابي بين كفرثلث والأشقر، وأصحابه آل عيسى.
3. حريقة أبو فارة لآل أبو هنية من الغرابة، طردهم جمال عبدالهادي القاسم بعد زراعته بالزيتون، وأقام دعوى ملكية وخلع غراس الزيتون التي زرعها عمر أبو هنية، تزيد مساحتها عن المائة دونم وبها بئر ماء ومغارة قديمة.
4. حرائق عرار، وتقع شمال قرية راس طيرة، وتزيد مساحتها عن 300 دونم.
5. بيارة جمال القاسم، وهي لا زالت ملكا لآل القاسم، وتزيد مساحتها عن 40 دونم، وتقع بمحاذاة خط الهدنة وبها بئر ماء ارتوازي.
6. أرض الجزاير من حوض واد التين، وقطع أخرى من حوض خلة إبراهيم، وتزيد مساحتهما مجتمعتين على العشرين دونماً.
7. بد أبو ذيب وبد رزق الله وجنانة الخيار وتبلغ خمس دونمات وسط كفرثلث.
8. أرض البيارة، ومرج السدرة أكثر من 150 دونم.
9. أرض الأشقر اكثر من 100 دونم.
10. أرض عرموشة والتي قامت عليها مستعمرة يرحيف.
11. وادي أبو نصير وقامت عليها متان يرحيف.
12. أرض البساتين سلبها من حمولة الغرابة، وواد التين ومجموعها يتجاوز 1000 دونم.
يذكر أن ثلث أراضي كفرثلث المرهونة تعود ملكيتها للجماعة الغرابة، ولم يكن حال القرى الأخرى المجاورة، ومنها عزون بأفضل حال منها.
أثر التجنيد الإجباري وحرب اليمن على السكان:
عانت الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر من جملة حروب وفتن داخلية، حيث طمع أعداؤها في خيراتها، وتقسيم تركة الرجل المريض. ورغم أن الدولة العثمانية حاولت إجراء إصلاحات داخلية، الا أنها فشلت في تشديد قبضتها. وبعد تنامي حروب الانفصاليين والثورات، التي كانت أبرزها حرب اليمن، وحرب القرم، وحروب البلقان عجزت عن استرداد قوتها ودحر الطامعين من مستعمرين ويهود.
قامت الدولة العثمانية بتسيير جيوشها لخوض الحروب مع الثورات الانفصالية، والتي جندت لها رعاياها من العرب. وكان لفلسطين نصيب من التجنيد الإجباري، الذي شمل القرى والمدن، وقد سبب آثاراً سلبيةً في المجتمع الفلسطيني؛ حيث سبب الخراب والمعاناة الدائمة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب ما ذكرناه سابقاً من سوء الإدارة، وهذه أبرز مظاهر التجنيد الإجباري، وأثره في السكان:
1) سيق الشباب العربي في طوابير، وأرسلوا إلى أماكن بعيدة لقتال إخوانهم في اليمن، الذين ثاروا في الجبال، وكذلك أرسل الشباب المغصوب للقتال في حرب اليونان مع الأتراك، وحرب الروس مع الأتراك، ولقد دعيت عملية التجنيد باسم "ضريبة الدم"، ولم يعف منها أحد من شباب القرية الفلسطينية، أو باقي قطاعات المجتمع غير بعض الذين تنطبق عليهم المواصفات الآتية: ـ
1. أن يكونوا أخوة.
2. أن يكون الرجل متزوجاً من غريبة أي من خارج القرية، وهذه حالة نادرة في المجتمع الفلسطيني؛ بسبب شيوع زواج القرابة من عمومة وخؤولة.
3. أن يكون في جسد الرجل إعاقة أو عاهة مستديمة.
4. أن يكون يتيماً.
5. أن يدفع مبلغاً من المال بدلاً من ذهابه للحرب.
ومما لا شك فيه أن للحرب آثاراً وخيمة على المجتمع، فهي التي تهلك الحرث، والنسل، وتشيع الأمراض، وتفريغ المجتمع من شبابه، وتعطيل الحياة الاقتصادية وتبعث الحسرات والزفرات، والتنهدات على غياب الأحباب. وفي ظل هذه الظروف لم يبق أمامهم الا الفرار من المعارك، أو دفع بخشيش للطبيب العسكري.
لقد اشتدت آلام الهجرة والفرار وسكبت الدموع والحسرات من عيون النساء غزيرة مدارة على الشباب الذين سيقوا إلى الحرب كما تساق الإبل، وتساءلت النساء الفلسطينيات بدهشة حول وجهتهم وأين يذهبون بقولهن:
أيا ترى إلى حلب أم إلى اليمن أم إلى استنبول؟!
ولماذا يركبون البواخر والسفن، ويجوبون عباب البحر؟!
كانت هذه هي زفرات الحزن والألم، وقد عبرت عنها النسوة بقولهن:
يا عسكري وأنت عسكري من وينته
شعر الغوى تحت الطواقي فرينكا
وأنا لطلع على حيطان عكا
وأشوف ظعنهم وين لقا
ويا عسكري دربك على حلب ولا على استنبول
ولا يا عسكري وين بدور
ووصفت سلطة الأتراك التي حملت الشباب وحشرتهم في السفن كتجار الغنم الذين يسيرون بها من مكان لآخر، وتشهد النساء على ذلك بترانيم حزينة فتقول:
جلبوا الشباب كجلب الغنم
جلبوهم ونزلوهم على اليمن
جلبوا الشباب كجلب السخول
جلبوهم وطيحوهم عل بحور
وصف هذا المنظر المرعب أحد الكتاب حيث ذكر أنه منذ ربيع 1876م حتى كانون ثاني 1878م توالت الدفعات لنقل الجنود من فلسطين، إما بواسطة السفن الحربية التركية أو بواسطة السفن التجارية المنتظمة المستأجرة التابعة لشركة لويد النمساوية، واكتظت الثغور بالمخفورين ولم يكن منظر الجنود يثير البهجة في النفوس حيث يرتبط المعينين ببعضهم البعض وقد شد وثاقهم ونقلتهم الخيالة إلى السفن ومنها إلى جبهات حرب اليمن والبلقان.
وقد انعكست هذه الأوضاع السلبية على شباب كفرثلث وخريش، وعن المآسي التي رافقت هذه الحالة يذكر أحد الرواة:
"جّند أبناء موسى عرار من خربة خريش، وهم: محمود، ومحمد، وبقي عيسى ليعتني ويربي أبناء أخوته أحمد وموسى، كسرت رجل محمد في الحرب وأقعدته أحد عشر سنة، وأصيب بالعمى يوسف مصطفى، وفقد بصره حيث لا طب ولا "دواء، ولم يكن غير فضلات الدجاج دواءً للعيون ورجع الأخوين عن طريق البحر، حيث نزلا على شاطئ يافا، وبلغ الخبر مسامع أهالي العائدين، وفرح الناس لعودة الطابور، والتقت النسوة بأزواجهن وبحلق الأولاد في آبائهم، وتنكر الإبن لأبيه، وبلغ محمد خبر وفاة زوجته الرابعة" "
ولا بد للفرح أن يغمر نساؤهم وأخواتهم وأبنائهم بعد أن يأتي المبشر الذي يطوف القرية راكضاً، ويصيح بأعلى صوته مردداً الأسماء التي عادت إلى بلدها. قالت النساء في خريش وكفرثلث معبرات عن سعادتهن برجوع الأهل والأحبة:
لمن طلعوا من اليمن دقوا حديد الخيل
الله مع أبو موسى والمبشر في الكيل
ولمن طلعوا من اليمن دقوا حديد أوتار
الدمع أبو موسى والمبشر ركاض
كما قلن:
يمه العنب الأسمر يمه روحوا من العسكر يمه
يمه العنب الزينة يمه روحوا الاثنين يمه
ورغم المأساة فان صورة العسكري، الذي يحمل الرتب والنياشين تخلب اللب، وهذه أبيات مما قالت النساء في كفرثلث وخريش:
وها العسكري أجانا من الشام وعلى صديره لابس نيشان
وها العسكري أجانا من بعيد وعلى صديره لابس قمباز حديد
ويظهر الإنسان العربي الفلسطيني رفضه للتجنيد، ولا بد للمشاعر المكبوتة أن يجري تنفيسها على صورة شعر ينظمه فار من التجنيد، الذي سموه ابن عصفور كناية عن طيرانه ومطاردته، وفشل الأتراك في القبض عليه، يقول ابن عصفور:
غابت الشمس واظلم الليل واللي يوالف يوالف
وهدوا كل برج مخالف
يا دارنا لا تخافيش حنا حماتك وحنا سورك
ومن دم الأعادي لحنيك ومن كل وبش يزورك
والدار ماهي ليكم والدار لينا قديمة
ولا بد ما نعور الدار وتولوا منا هزيمة
خيالها يا أبو (...) يشبه للزيناتي خليفة
ويا صاحبي مابخليك وبسحب سيفي أباريك
والعز والناموس لنا دايم
وهناك أشخاص ماتوا في ساحة الحرب أو فقدوا فيها من آل عيسى في كفرثلث، كما أن رزق شقير شارك في حروب البلقان، وفرّ عبدالوهاب حامد عمر من التجنيد، وقيل عنه أنه تخفى في قرى ليست ببعيدة عن قريته كفرثلث، وأرسل رسائل إلى أهالي بلدته، وختمها بالصابون، وهي رسائل تشير إلى أنه في اليمن، ولما عاد الطابور عاد معه، وكأنه جاء من أسفار بعيدة.
الحرب العالمية الأولى وتأثيرها على السكان:
اشتعلت الحرب بين أطراف التحالفات الدولية المختلفة، والتي ضمت فرنسا وبريطانيا من جهة، وألمانيا وتركيا من جهة أخرى. كانت منطقة نابلس مسرحا لعمليات الجيش التركي الثامن، وفي هذه الحرب قامت ألمانيا بحفر آبار ارتوازية في ودي قانا، كان واحداً منها البئر الواقع في وادي الزاقور، وهو بئر قام السكان باستخدامه. توجهت بعض نساء كفر ثلث، وخريش، وراس طيرة، وسلمان في صبيحة أحد الأيام من سنة 1917م وأثناء الحرب العالمية الأولى لملء أجرارهن بالماء، وكانت طائرات الإنجليز تحوم في سماء المنطقة لضرب مواقع الأتراك، فشاهدت سرباً من النساء، فأسقطت الطائرة البريطانية قذيفة عليهن مما أسفر عن جرح واستشهاد عدد منهن، وقد سببت الجروح آلاماً بقين يعانين من آثارها حتى وفاتهن، وقد التقيت بآمنة التي ظلت تشكو آلامها حتى وفاتها.
ومن تأثيرات الحرب أن الأتراك ضايقوا السكان بسبب فرار البعض من الخدمة العسكرية، وكان منهم الحاج موسى محمد عرار، وأحمد عبد الرحمن عبد السلام. ففي أحد المرات ذهبوا إلى بيت محمد موسى الرجل الضرير وكبير السن وسألوه عن ولده موسى ثم قاموا بمصادرة دوابه وأغنامه، وساقوها حتى قرية كفر زيباد، ولم يعيروا النساء التي كانت تولول وتصيح انتباهاً.
حدثت في العهد البريطاني ثورة شاكر أبي كشك في عام 1921م، وقد هبتّ جموع أبناء جبل نابلس لمساندته ضد يهود مستعمرة ملبس، وقد ضمّت رجالاً من عزون وطيرة بني صعب وقاقون ومن خربة خريش: الحاج موسى محمد موسى، وحسني عبد حسن وآخرين، وقد هجموا في فزعة على المستعمرة، يحملون نبابيتهم وخناجرهم، وبعد انتهاء الانتفاضة قام البريطانيون بإرسال دورياتهم لاعتقال أبناء خريش الذين ساهموا فيها، وشرعوا يبحثون عن سلاح بحوزتهم، واعتقلوهم ستة أشهر.
كفر ثلث في عهد الانتداب البريطاني والثوره الفلاحية المسلحة:
شاركت كفرثلث في ثورة 1936م وقدّمت المال والرجال والتحق عدد من سكان القرية بالثورة ومنهم: موسى مقبل عوده، وحسين شقير، وإسماعيل أبو هنية، ويونس خالد، وبركات عوده، كما شكلت كفرثلث الملاذ الآمن الذي كان يلجأ إليه الثوار بعد قيامهم بعمليات ثورية على طريق عزون نابلس أو في السهل الساحلي الفلسطيني، وكان أبناء كفرثلث يكرمون أبناء الثورة ويستضيفونهم، وقد فرض عليها منع التجول 8 مرات.
وكانت علاقتهم بالفصيل الذي قاده فارس محمد الحواري من قرية عزون. حيث سجن فارس العزوني في سجن عكا بتهمة جنائية، وحينما سمع بأخبار الثورة فر من معتقله ليلتحق بالثورة. وقد التحق بصفوف الثورة وبعد فترة من الزمن طالب عارف عبدالرازق بتأسيس فصيل بمفرده دعاه فصيل الموت. عمل فارس على تجنيد أبناء عزون، وكفر ثلث في فصيله الذي تراوح عدده بين 75 و 200 ثائر.
لم يقتصر فصيل فارس على أبناء عزون، وكفرثلث وخريش بل دخلت إليه عناصر أخرى من القرى الفلسطينية ومن الأقطار العربية المجاورة.
وضم الفصيل العشرات ممن انتدبوا للمهمات المختلفة، مثل المهمات القتالية. وأخرى كالاغتيالات، وشراء أسلحة وذخائر ومناظير، وتسجيل أحداث الثورة، ومن الأمثلة على ذلك تكليفه موسى المقبل بشراء ناظور من مدينة نابلس. وكان الناس وصغار السن يساعدون في تنظيف الرصاص القديم الذي توفر من الحرب العالمية الأولى ومسحه.
قام فصيل فارس بالعديد من العمليات العسكرية إلى جانب أعمال قتل العملاء والجواسيس، كانت أولى بدايات الفعاليات أن توجه الفصيل إلى مكان قريب من عزون على الطريق الواصل بين مدينة نابلس وقلقيلية، وكان طريقا ترابياً تمر منه مركبات الجنود، والسيارات المدنية الفلسطينية، وهي قليلة ونادرة.
عمل البريطانيون على خلق أوضاع سيئة في مختلف المجالات وخاصة على الصعيد الاجتماعي لخلق حالة تناحر عشائري، وتوظيف وعزل مخاتير يعملون لصالحهم والتنافس على المخترة بين العائلات الكبيره، هذا ناهيك عن تحطيم الانتاج الاقتصادي للقرية العربية و حماية الانتاج الصهيوني وتشجيعه وتقديم المساعدات اللازمة لتنميته وإزدهاره.
ورغم شيوع الأجواء الثورية في فترة ثورة 1936-1939، لكن الأوضاع عادت القهقرى وأخيراً إكتملت حلقات المشروع الصهيوني وتخطيطه في حدوث كارثة 1948، وأصبحت كفرثلث ضمن المملكة الأردنية الهاش
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق